ما هو “خطاب الكراهية”؟

التعريف البسيط لمصطلح “خطاب الكراهية” هو أي تعبير عن الكراهية التمييزية تجاه الأشخاص على أساس جانب معيّن من هويتهم.

"الكراهية التمييزية": شعور قوي وغير عقلاني بالعداوة تجاه شخص أو مجموعة من الناس بسبب هويتهم، على أساس ميزة خاصة معترف بها في القانون الدولي لحقوق الانسان.

"الخطاب": أي شكل من أشكال التعبير عن فكرة أو رأي أمام جمهور على نحو خطي أو غير لفظي أو مرئي أو فني وما إلى ذلك. ويمكن نشر هذا التعبير عبر وسائل الإعلام ومنها الانترنت والمنشورات والإذاعة والتلفزيون.

يمكن لـ”خطاب الكراهية” أن يشكّل خطرًا بوجه خاص حين يسعى إلى تحريض الناس على العنف تجاه مجموعات مهمشة. إنما، حتى في أشكاله الأقل حدّة، مثل حالات الشتم المتكرر أو الافتراء أو الصور النمطية المؤذية التي قد تنشئ بيئات مشحونة بالحقد وتؤدي الى حصول تداعيات سلبية. و”خطاب الكراهية” قد يشعر من يعاني منه بأن كرامته مهانة باستمرار وهذا قد يلحق نوعًا من الأذى النفسي به ويساهم في تعزيز نطاق تهميش الفريق المستهدف اجتماعيًا وسياسيًا وثقافيًا واقتصاديًا.

لذلك من المهم أن نعترف بخطورة “خطاب الكراهية” بكل أنواعه وبأن تأمين الحماية الكافية لحقوق الإنسان يتطلب التصدي للكراهية بكل أشكالها.

ولكن ما هو ”خطاب الكراهية“ بالضبط؟

ليس لـ”خطاب الكراهية“ تعريف قانوني متعارف عليه دوليًا

خطاب الكراهية عبارة فضفاضة قد تستخدم لتوصيف أي عبارة تمييزية تنفي انسانية الآخرين أو تحرّض على الحاق الأذى بهم. لا شكّ في أن لمثل هذا الخطاب تداعيات سلبية على المجتمعات، خاصة على الأقليات والمجموعات المهمشة.

ينص القانون الدولي لحقوق الانسان بوضوح أنه لا يمكن الحد من حرية التعبير فقط لأنه مهين أو جارح للمشاعر، حتى لو كان التعبير تمييزيًا ومليء بالكراهية، ولكن ينبغي على الحكومات أن تحد من ذلك التعبير حين يصبح خطيرًا بشكل واضح وحين لا يمكن منع حصول أضرار جسيمة إلا بالحد من هكذا تعبير. أشكال التعبير هذه قد تعتبر أسوأ أنواع “خطاب الكراهية”، لا سيما التحريض على الكراهية التمييزية التي تهدف إلى الحث على العنف والتمييز والعداوة أو من المرجح أن تؤدي اليها.

تعرّف الحكومات الوطنية هذه العبارات في قوانينها بشكل عام، ولذلك تختلف المقاربات كثيرًا ما بين البلدان، وقد أدى هذا الالتباس الى إقرار العديد من القوانين غير المراعية للقانون الدولي لحقوق الإنسان.

ولكننا نشهد خللاً في تطبيق القوانين التي تضعها الحكومات حيال “خطابات الكراهية” في كل أنحاء العالم. فمن جهة، نرى افرادًا نافذين يحثون على العنف أو يهددون باللجوء اليه من دون أن يحاسبوا أو يتعرّضوا للعقوبات المستحقة، ومن جهة أخرى يساء استعمال القوانين في شتى انحاء العالم بحيث تستخدم كوسيلة لاستهداف المعارضة المشروعة حيث تتوجب حماية حرية التعبير.

من هي الجهة المستهدفة من ”خطاب الكراهية“؟

يمكن لـ”خطاب الكراهية“ استهداف أي كان لمجرد كونه مختلفًا.

ولكن من المهم الإدراك أن انتقاد الآخر بسبب افكاره وتصرّفاته لا يندرج حكما تحت ”خطاب الكراهية“.

يستهدف ”خطاب الكراهية“ كرامة الفرد أو المجموعة على أساس هويتهم كأشخاص.

يعترف القانون الدولي لحقوق الانسان بعدد من الميزات المختلفة التي يجب تقديم الحماية على أساس وجودها وهي تشمل على سبيل الذكر لا الحصر:

  • العرق
  • الجنس
  • لون البشرة
  • الانتماء الديني
  • الجنسية
  • الهوية الجندرية
  • الميول الجنسية
  • الإعاقة
  • صفة اللجوء أو الهجرة
  • الانتماء للشعوب الأصلية

على سبيل المثال، التعبير عن الحقد والنقمة على شخصية سياسية لأنك تعارض أفكارها وسياساتها لا يعتبر بالضرورة “خطاب كراهية”، أما التعبير عن كرهك لشخصية سياسية معينة لكونها امرأة أو بسبب لون بشرتها فهو ”خطاب الكراهية“ بامتياز.

”خطاب الكراهية“ يستهدف الأشخاص، أفرادًا كانوا أم مجموعات، بسبب هويتهم.

تعتبر منظمة المادة 19 أن أسـس الحماية من التعرّض لـ”خطاب الكراهية” يجب أن تشمل جميع الخصائص والميزات المدرجة في الأحكام العامة الخاصة بعد التمييز في القانون الدولي لحقوق الانسان. ومع أن هذا قد يبدو بديهيًا، يعارضها بعض الأطراف أحيانًا.

 

أدت فسيفساء الآليات الدولية والاقليمية المتباينة والمتداخلة هذه إلى نشوء مقاربات متباعدة لمختلف الأشكال التي يتخذها تعريف “خطاب الكراهية” في القوانين المحلية بما فيها الميزات والخصائص الواجب حمايتها.

 

تعتبر منظمة المادة 19 أن تطبيق حقوق الإنسان لا يجب أن يقيّد بالتزام رسمي بشكل مبالغٍ به بحرفية نصوص القوانين الدولية الأصلية أو حتى بنوايا واضعيها في حال كان هذا التفسير محدودًا على نحوٍ غير ضروري بالتمتع بالحقوق.

 

إضافة إلى ذلك، مع مرور الزمن باتت تفسّر النصوص القانونية الدولية لحقوق الإنسان بحيث تدعم مبدأ المساواة بالمعنى العام لهذا المصطلح، لتطبق بالتالي على الخصائص المذكورة بشكلٍ خاص في المعاهدات وعلى الأسس غير المذكورة صراحةً. تعترف دول عديدة بالخصائص المحمية بموجب القوانين الوطنية التي تمنع “خطاب الكراهية”، والتي تعكس الخصائص المحمية بموجب التزاماتها الأشمل بضمان المساواة وعدم التمييز.

 

ومع توفر ضمانات كافية لحريّة التعبير، نعتبر أن احترام الأحكام الخاصة بـ “خطاب الكراهية” يجب أن يشمل المجموعة الأوسع من الخصائص المحمية. ويجب أن تضم هذه المجموعة على سبيل الذكر لا الحصر: العرق، اللون، الجنس، اللغة، الرأي السياسي أو الآراء الأخرى، الأصول الوطنية أو الاجتماعية، ملكية الشخص، مكان الولادة، الإنتماء إلى شعوب أصلية أو حمل هوية شعوب أصلية، الإعاقة، صفة اللجوء أو الهجرة، الميول الجنسية، الهوية الجنسية أو حمل صفات الجنسين.

هل تتشابه كل خطابات الكراهية؟

يمكن أن يأتي “خطاب الكراهية” بأشكال مختلفة منها التعليقات الناتجة عن الجهل والمزاح المسيء ووصولاً إلى الدعوات الصريحة إلى التمييز ضد مجموعة معينة وفي أسوأ الأحوال الدعوة إلى القتل الجماعي.

يشير القانون الدولي لحقوق الإنسان بشكلٍ خاص إلى تصنيفات معيّنة من “خطابات الكراهية” الحادة التي يجب على الحكومات منعها. وهذا يشمل الخطاب الذي يروّج بشكلٍ فاعل للكراهية التمييزية بطريقة تحرّض الناس على ارتكاب الأذية بحق المجموعة المستهدفة، لمجرد انتمائهم لهوية معينة. هذا النوع من الأذية قد يأتي على شكل عنف أو تمييز أو أي فعل معادي آخر.
في حال كان “خطاب كراهية” مهينًا أو مسيئًا فحسب و”خطاب كراهية” آخر يحرّض على القتل، لا بد من تحديد بشكلٍ دقيق نوع “خطاب الكراهية” الذي نتعامل معه في حالة معيّنة.

ومن أجل التمكن من تحديد طريقة التعامل المناسبة والفعّالة مع خطاب الكراهية، علينا فهم السبب الأساسي الذي أدى إلى الكراهية.