في إطار الجهود التي تبذلها الدول لمكافحة الإرهاب، تخلط أحيانًا مفاهيم مثل “التحريض على الإرهاب” و”التطرف العنيف” و”الأصولية” بمفهوم “خطاب الكراهية”.
وقد يثير الإرهاب وتعامل الدول معه القلق بشأن حريّة التعبير. وفي حين أنه سبق أن تعرض أفراد للأعمال الإرهابية التي يسعى من خلالها المهاجمون إلى إخافة الناس ودفعهم إلى فرض رقابة ذاتية، أدت عمليات تعامل الدول مع الإرهاب أيضًا إلى قيود غير مبررة أو غير مناسبة على حريّة التعبير. ولا يتوفر تعريف متعارف عليها دوليًا “للإرهاب” و”الأعمال الإرهابية في القانون الدولي لحقوق الإنسان.
ولكن، بموجب القانون الدولي، يتوجب على الدول منع التحريض على ارتكاب الأعمال الإرهابية. وكما هو الحال بالنسبة للقيود على “خطاب الكراهية”، يجب أن تتماشى القيود المفروضة لحماية الأمن القومي أو الوطني مع معايير الاختبار الثلاثي الأجزاء المنصوص عليها في المادة 19 (3) من من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. (راجعوا القيود – إضافة رابط خاص بالقسم ذا الصلة)
في هذا الصدد، تقدم مبادئ جوهانسبرغ المزيد من التوضيح بشأن الحالات التي يمكن فيها فرض قيود على التعبير الذي يعتبر تهديدًا للأمن القومي: يجب على الدول حينها إثبات أن:
النية من التعبير التحريض على عنف وشيك؛
احتمال تحريضه على هذا النوع العنف مرجّح؛ و
رابطًا مباشرًا وفوريًا موجود بين التعبير وأرجحية ارتكاب أو ارتكاب أعمال العنف هذه.
والفرق الأساسي بين ذلك وبين “خطاب الكراهية” هو عدم الحاجة إلى إثبات أن العنف الناتج عن الأرهاب يأتي نتيجة تحريض من خلال مناصرة الكراهية التمييزية، أو أن العنف يستهدف مجموعة معيّنة من الناس بسبب هويتهم. ولكن العنف الناتج عن الإرهاب لا يميز دائمًا بين الناس.
تبرز المشاكل التي تطال حريّة التعبير حين تستند الدول إلى تبريرات مرتبطة بـ”الأمن القومي” لفرض قيود على أنواع كثيرة من التعبير، بما في ذلك “تبرير” أو “التشجيع” أو “تمجيد” الأعمال الإرهابية أو تلك المتصلة بـ”التطرف” و”الأصولية”. لا تستوجب هذه القيود توفر إثبات عن نية بالتحريض على العنف ولا تركّز على أي رابط عرضي بين التعبير واحتمالية حدوث أعمال العنف أو بين التعبير وحدوث هكذا أعمال.
قد تطبق هذه القيود الواسعة النطاق بشكل اعتباطيّ للحد من النقاش السياسي المشروع؛ أو لمنع الأقليات أو الآراء المعارضة للهجمات الإرهابية وفعالية أو ملاءمة تعامل الدول معها، أو حتى التعليقات بشأن قضايا عامة أكثر مرتبطة بالمصلحة العامة. قد يكون لذلك أثر عكسي على الجهود الرامية إلى معالجة عدم التسامح، لا سيما حين تعتبر الأقليات أو المجموعات المهمشة أن مثل هذه القوانين تستخدم لاستهداف حريّة تعبيرها في المجال السياسي.
وفي الوقت عينه، غالبًا ما ترتبط النقاشات بشأن قضايا الإرهاب وتعامل الحكومات معها ارتباطًا وثيقًا بقضايا مرتبطة بالهوية. ومن المحتمل أيضًا أن يكون التعبير المحرّض على ارتكاب الأعمال الإرهابية أو على دعم الإرهابيين تمييزيًا بطبيعته. على سبيل المثال، في سياق تبرير هجوم إرهابي، قد يعبر الداعمون له عن كراهيتهم تجاه الضحايا أو الناجين استنادًا إلى دينهم أو معتقدهم أو نوعهم الاجتماعي أو أصولهم الوطنية.
ومن جهتها أيضًا، قد تثير طريقة تعامل الحكومات مع التهديدات الإرهابية المخاوف والقلق بشأن التمييز، وقد يكون أثرها عكسيًا على جهود الترويج للمساواة والتسامح. وهذا يشمل السياسات التي تربط مجموعة كاملة من الناس بالإرهاب، بمجرد انتمائهم الديني أو أصولهم الوطنية. وخطاب الكراهية السياسي الداعم لمثل هذه السياسات، إن كانت حظر سفر تمييزي أو توقيف تمييزي وممارسات تفتيش تمييزية، قد تعتبر أيضًا “خطاب كراهية”.
“لا تعتبر الرقابة والمنع طريقة تعامل فعالة مع التطرف، النقاش النقدي والصريح عامل مهم في أي إستراتيجية رامية إلى التعامل مع الهجمات الممنهجة على حريّة التعبير وأسبابها الضمنية، وقد يؤدي هذا التجريم المعمم للتعبير إلى ضيم مستتر يغذي العنف.”
– الإعلان المشترك للأمم المتحدة والتفويضات الإقليمية بشأن حرية التعبير حول “حريّة التعبير وطرق التعامل مع حالات النزاع”